وراء جو بايدن كامالا هاريس
فيما العيون شاخصة على نتائج الانتخابات الأميركية الرئيسية، بظلّ المناورات القانونية التي سلكت طريقها منذ بدء فرز أصوات المقترعين، لا يمكننا إلاّ أن نلتفت لأول سناتور أميركية من جنوب آسيا في التاريخ، بل أول امرأة وأول امرأة ذات بشرة سوداء مرشّحة أن تتبوّأ منصب نائب الرئيس الأميركي، في حال فوز المرشّح الديمقراطي جان بايدن. فما هو دور كامالا هاريس؟ وما كان تأثيرها على تحفيز المواطنين على التصويت لصالح بايدن؟ وهل تدير الإمرأة السوداء دفة الانتخابات الأميركية لصالح السياسي المخضرم والمرشّح الديمقراطي؟
من هي كامالا هاريس؟
كاملة كامالا ديفي هاريس (من مواليد 20 أكتوبر 1964، أوكلاند، كاليفورنيا، الولايات المتحدة) والدها جامايكي، ووالدتها ابنة دبلوماسي هندي. وهي سياسية أميركية تم انتخابها لعضوية مجلس الشيوخ كديمقراطية في عام 2016، وبدأت فترة ولايتها الأولى ممثلة كاليفورنيا في تلك الهيئة في العام التالي. كانت أول أميركية هندية تعمل كعضو في مجلس الشيوخ الأميركي، وكثاني امرأة أميركية من أصل أفريقي.
بعد دراستها في العلوم السياسية والاقتصاد (بكالوريوس، 1986) في جامعة هوارد، حصلت كمالا على إجازة في القانون (1989) من كلية هاستينغز.
نشاط هاريس الحقوقي
نشطت كامالا حقوقياً، يقول مقرّبون إنّه شغف مستوحى من والدتها شيامالا، وهي مهاجرة أمريكية من أصل هندي وناشطة وباحثة في سرطان الثدي؛ وعملت كامالا كناشطة في حركة الحقوق المدنية، حيث تقول إنّها تعلّمت من القاضي ثورغود مارشال، والمحامية السياسية كونستانس بيكر موتلي، والمحامي تشارلز هاميلتون هيوستن، كيفية تكوين الشخصية المطلوبة “للوقوف في وجه الأقوياء، للدفاع عن أولئك الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم.”
بعد حصولها على درجة البكالوريوس من جامعة هوارد ودرجة في القانون من جامعة كاليفورنيا، بدأت حياتها المهنية في مكتب المدعي العام في مقاطعة ألاميدا. في عام 2003، أصبحت كامالا المدعي العام لمدينة ومقاطعة سان فرانسيسكو. من بين إنجازاتها بصفتها مدعية مقاطعة، بدأت هاريس برنامجًا يمنح مرتكبي جرائم المخدرات لأول مرّة فرصة للحصول على دبلوم المدرسة الثانوية والعثور على عمل. بعد أن أكملت فترتين كمدّعي عام لمقاطعة سان فرانسيسكو، تم انتخاب كامالا كأول أميركية من أصل أفريقي، وأول امرأة تشغل منصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا. في هذا الدور، عملت على محاسبة الشركات المنتهكة لحقوق موظفيها.
دور الهنود في الانتخابات الأميركية
أصبح الأميركيون الهنود في دائرة الضوء بشكل غير متوقع في الولايات المتحدة الأميركية في السنوات الأخيرة، بفضل تأثير المجتمع الهندي الأميركي في الدوائر السياسية، وثرائهم المتزايد، والصداقة الحميمة المفترضة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بالإضافة إلى اختيار المرشح الديمقراطي جو بايدن لكمالا هاريس نائبة له.
وقد أثار اختيار بايدن لهاريس كمرشّحة لمنصب نائب الرئيس، تكهنات واسعة النطاق حول ما إذا كان اقتراح هاريس سيكون إيجابياً أو سلبياً، أو ببساطة لا تأثير له على سلوك التصويت للأميركيين الهنود.
هذا السؤال فرض نفسه في ظلّ العلاقات بين البلدين، سيّما لناحية شراكة مودي – ترامب، ومخاوف بشأن كيفية إدارة بايدن للعلاقات بين الولايات المتحدة والهند، مما قد يدفع بالهنود للتخلي عن الحزب الديمقراطي بأعداد كبيرة. فيما توصلت دراسة اُجريت في سبتمبر إلى أنّ هاريس قد حفّزت في الواقع حماسة جديدة للهوية الديمقراطية. ويستند التحليل إلى استبيان تمثيلي لـ 936 مواطنًا هنديًا.
استطلاع رأي حول تأثير كمالا هاريس
أصبح السؤال عن اختيار هاريس بارزًا بشكل خاص في المناقشات بين الجالية الأمريكية الهندية، نظرًا لسلسلة القصص عن والدة هاريس الهندية، وتأثير تراثها الهندي (غالبًا ما كان يقترن بتعريف هاريس كامرأة سوداء). و أشارت بعض التقارير الإخبارية إلى أنّ الجالية الأميركية الهندية تبنّت اختيارها بحماس، بينما ألمح آخرون إلى حدوث انقسامات داخل المجتمع بسبب مواقف هاريس السابقة بشأن السياسة المحلية الهندية، بالإضافة إلى التقليل من شأن هويتها الهندية بالنسبة إلى هويتها السوداء. وقد تناول الاستطلاع هذه المسألة من خلال نقطتين:
أولاً، سأل الإستطلاع عمّا إذا كان اختيار بايدن لهاريس قد حمّس الهنود الأميركيين للتصويت في الانتخابات أو العكس (تأثير الإقبال).
ثانيًا، سأل الإستطلاع عمّا إذا كان اختيار هاريس يجعلهم أكثر أو أقل حماسة بشأن ترشيح بايدن (تأثير الحماس).
إيجابية اختيار بايدن لهاريس
فيما يتعلق بالإقبال، أشار 45 في المائة إلى أنّ اختيار هاريس كنائب للرئيس حمّس الهنود للتصويت. بينما أشار 10 في المائة فقط إلى أنّه سيقلّل حماسهم للتصويت. وقال 40 في المائة آخرون إنّه لم يحدث فرقًا في كلتا الحالتين. وتبيّن النتيجة أدناه كيف أنّ اختيار هاريس قد حفّز شريحة كبيرة من الجالية الأمريكية الهندية للتصويت.
الحشد للتصويت لا يعني بالتالي حشد الأصوات لبايدن، إلاّ أنّ بيانات استطلاع أخرى أثبتت أنّ تأثير التعبئة عمل إلى حد كبير لصالح البطاقة الديمقراطية: (كما في الصورة أدناه)
هذا، وأشار 49 في المائة إلى أنّ ترشيح هاريس جعلهم أكثر حماسًا بشأن ترشيح بايدن، بينما أفاد 15 في المائة فقط أنه جعلهم أقل حماسًا. مما لا شك فيه، أنّ الحماس المتضائل لا يمكن أن يقارن ببساطة بدعم ترامب، على الرغم من أنه يثير هذا الاحتمال. وقال 31 في المائة آخرون إنه لم يحدث أي فرق لهم في كلتا الحالتين.
كشف الاستطلاع كذلك عن تأثير الحماس، الإيجابي والسلبي. بالنسبة لأولئك الذين أجابوا بأنّ اختيار هاريس جعلهم أكثر حماسة بشأن ترشيح بايدن، تساءل الاستطلاع عن السبب: لماذا سيحفزك اختيار هاريس للتصويت لبايدن؟ ( الصورة أدناه)
الرد النموذجي كان أنّ هاريس أميركية هندية (26٪)، يليه الاعتقاد بأنها ستكون صوتًا وسطيًا ومعتدلًا في إدارة بايدن المفترضة (19٪) وحقيقة أنها امرأة (16 ٪) . اللافت أنّ 15 بالمائة من المستطلعين أفادوا أنّ هاريس تجعلهم أكثر حماسة بشأن ترشيح بايدن لأنهم يعتقدون أنّها ستقوّي العلاقات بين الولايات المتحدة والهند.
لطيفة الحسنية